وداع رمضان
ها هو شهر الخير قد قوضت خيامه ، وتصرمت أيامه ، فحق لنا أن نحزن على فراقه ، وأن نذرف الدموع عند وداعه .
تذكر أيها الصائم وأنت تودع شهرك سرعة مرور الأيام ، وانقضاء الأعوام ، فإن في مرورها وسرعتها عبرة للمعتبرين ، وعظة للمتعظين قال عز وجل:
{ يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } (النور 44) بالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه ، واليوم نودعه بكل أسىً ، ونتلقى التعازي برحيله ، فما أسرع مرور الليالي والأيام ، وكر الشهور والأعوام .
والعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة ، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت ، فهيهات أن تعود مرة أخرى ، فاغتنم أيام عمرك قبل فوات الأوان ما دمت في زمن الإمكان
قال عمر بن عبد العزيز :
" إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل أنت فيهما " وقال ابن مسعود رضي الله عنه :
"ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي " .
وتذكر دائماً أن العبرة بالخواتيم ، فاجعل ختام شهرك الاستغفار والتوبة ، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة
وقد قال عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره :
{إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } (سورة النصر) وأمر سبحانه الحجيج بعد قضاء مناسكهم وانتهاء أعمال حجهم بالاستغفار فقال جل وعلا :
{ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } (البقرة 199) .
اللهم لك الحمد أن بلغتنا شهر رمضان ، اللهم تقبل منا الصيام والقيام ، وأحسن لنا الختام ، اللهم اجبر كسرنا على فراق شهرنا ، وأعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ، واجعله شاهداً لنا لا علينا ، اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من النار ، واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين.
نسأل الله أن نكون من عتقاء شهر رمضان
نسأل الله أن يبلغنا رمضان القادم
نسأل الله العفو و العافية في الدنيا و الآخرة
نسأله للجميع المؤمنين والمؤمنات